قصيدة النابغة الذبياني في زوجة النعمان من مُختارات اللغة العربية الأشهر بين مُتذوقي ومحبي اللغة وفنونها ومصادرها وفروعها المُختلفة، حيث تَمتلأ القصيدة بالأفكار والمعاني والتشبيهات والعِبر والصفات الحسنه التي تُعتبر قدوه لكل إنسان يبحث عن الكرم والصداقه الصادقة التي تمتزج بمعاني الوفاء والإخلاص، والحفاظ على مشاعر الناس، وفي مُلخص قصيدة النابغة الذبياني فقد قامت صداقة قوية بين النعمان والنابغة لدرجة أن جعله النعمان في حاشيته ينادمه ويؤاكله في آنية من الذهب مما جر عليه حسد الحاسدين ونقمتهم ومؤامراتهم التي كادت تودي بحياته، وفي ليله من الليالي مرت زوجة النعمان وتدعى المتجردة أمام الملك النعمان دون أن تتوقع أن ترى الملك وندمائه في هذا الوقت الساهر بالقصر، وسقط أزارها وإنحنت لتلقتقطه بسرعه، حيث توقع الحضور أن ينحرج النعمان من هذا الموقف الذي حصل مع زوجته أمام ضيوفه، إلا أن ذلك لم يصبه بالغضب بل أصابته نوبة من الضحك وقال للنابغة، ما حدث يستحق منك قصيدة، وفي اليوم التالي ألف النابغه قصيدة قال فيها.
سَقط النصيفُ ولم تُردْ إسقاطهُ
فتناولته واتقتنا باليدِ
بمخضب رخص كأن بنانَهُ
عَنَمٌ يكاد من اللطافة يُعقَدِ
نظرت إليكَ بحاجةٍ لم تقضها
نظر السقيم إلى وجوه العود
زعَمَ الهُمام بأن فاها باردٌ
عذبٌ مقبله، شهيُّ المَوْردِ
زعم الهُمامُ ولم أذقهُ أنّهُ
عذبٌ إذا ما ذقتهُ قلتَ: ازدَدِ
أتاني أبيتَ اللعنَ أنكَ لمتني
و تلكَ التي أهتمّ منها وأنصبُ
حَلَفْتُ، فلم أترُكْ لنَفسِكَ ريبَة ً
وليسَ وراءَ اللَّهِ للمَرْءِ مَذهَبُ
لئنْ كنتَ قد بُلغتَ عني وشايةً
لَمُبْلغُكَ الواشي أغَشُّ وأكذَبُ
فلا تتركني بالوعيدِ ، كأنني
إلى النّاسِ مَطليٌّ به القارُ، أجْرَبُ
فإنْ أكُ مظلوماً ؛ فعبدٌ ظلمتهُ
وإنْ تكُ ذا عُتَبى ؛ فمثلُكَ يُعتِبُ
أبيت اللعن=تحية الملوك بالجاهليه
ألَمْ أقسِمْ عليك لتُخْبرَنّي
أمحمولٌ على النعشِ الهمامُ
فإني لا ألومكَ في دخولي
ولكنْ ما وَراءكَ يا عصامُ
فإن يَهْلكْ أبوقابوسَ يَهْلِكْ
ربيعُ الناسِ والشهرُ الحرامُ
ونُمسكْ بَعْدَهُ بذنابِ عَيش
أجَبِّ الظهِر ليسَ له سنامُ
